Wednesday, January 29, 2020

ما مصيرنا عندما نهرم ونصبح عالة؟

"غالباً كنت أقتل النساء المسنّات، قتلتهن كلهن، هناك على ضفاف النهر الكبير، لم أكن أنتظرهن حتى يمتن تماماً قبل أن أدفنهن، كانت النساء خائفات مني".

لا عجب.. هذه قصة رجل من قبيلة "آتشي"، وهي قبيلة من السكان الأصليين في شرق باراغواي ، كما روى لعالميّ الأنثروبولوجيا، كيم هيل ومجدالينا هورتادو.

وأوضح أن الجدات ساعدن في الأعمال المنزلية ومجالسة الأطفال، لكن عندما يكبرن في السن، وعندما يصبحن لا فائدة منهن، لا يمكن أن تكون رقيق المشاعر.

وبوحشية قتلهن، كانت الطريقة المعتادة هي ضرب فأس في الرأس.

أما بالنسبة إلى كبار السن من الرجال، فقد فرضت عادات القبيلة مصيراً مختلفاً، وهو إرسالهم بعيداً مع الطلب منهم عدم العودة ثانية.

ما هي الالتزامات التي ندين بها لكبارنا؟ إنه سؤال قديم قدم وجود البشر؟

وقد تباينت الإجابات كثيراً، على الأقل إذا كانت المجتمعات التقليدية الباقية حتى الآن دليلنا في معرفة الإجابة.

كما يشير جاريد دياموند، وهوعالم أنثروبولوجيا آخر،فإن قبيلة آتشي ليست الوحيدة التي تتجاوز التقاليد. ففي كوالونغ في بابوا غينيا، يتعين على الشاب قتل والدته خنقاً بعد وفاة زوجها.

وفي القطب الشمالي، يشجع سكان تشوكشي (وهم من السكان الأصليين الذين يعيشون في شبه جزيرة تشوكشي وشواطئ بحر تشوكشي ومنطقة بحر بيرنغ في المحيط المتجمد الشمالي داخل الاتحاد الروسي، ولغتهم هي تشوكشي) كبار السن على قتل أنفسهم، بعد تلقيهم وعوداً بنيل المكافآت في الحياة الآخرة.

لكن العديد من القبائل الأخرى اتبعت أسلوباً مختلفاً تماماً،والتي تخضع لحكم كبار السن، حيث يقوم الشباب بما يأمر به الكبار. حتى أن البعض لم يكونوا ليمانعوا بالقيام بمضغ الطعام لآبائهم المسنين الذين لا أسنان لهم.

ما كان شائعاً بالأمس كان الاستمرار بالعمل حتى يتوقف جسمك عن القيام بذلك.

ويتطلع الكثير منا عند بلوغ سن معين، أن يحصل على معاش تقاعدي (أموال من الدولة أو أرباب العمل السابقين ، ليس مقابل عمل حالي، بل تقديراً لعملنا في الماضي).

في العديد من البلدان ، نشأت الأجيال وهم يظنون أنه ستتم العناية بهم جيدا في مرحلة الشيخوخة. لكن أصبح هذا تحدياً يتطلب مواجهته.

وعلى مدى سنوات، بدأ خبراء السياسة الاقتصادية يدقون ناقوس الخطر حول أزمة متوقعة في نظام التقاعد.

المشكلة هي ديموغرافية، فقبل نصف قرن من الزمن، في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ، وهي بمثابة نادي للدول الغنية، كان من الممكن أن تتوقع المراة البالغة من العمر 65 عاماً، أن تعيش 15 عاماً آخر.

أما اليوم، فيمكن لها أن تعيش ما لا يقل عن عشرين عاماً بعد ذلك السن. وفي الوقت نفسه، تقلصت الأسرة المتوسطة من 2.7 طفل إلى 1.7 طفل، وهذا يعني أن خط تأمين العمال في المستقبل يتقلص وينضب.

ولذلك العديد من الآثار، بعضها إيجابية وأخرى سلبية.

ولكن وضع المعاشات التقاعدية قاتم، إذ سيكون هناك الكثير من المتقاعدين الذين يتلقون الدعم، وعدد أقل من دافعي الضرائب لدعمهم.

ففي الستينيات، كان لدى العالم ما يقرب من 12 عاملاً مقابل كل شخص كبير السن. أما اليوم ، تراجع العدد إلى أقل من ثمانية، وبحلول عام 2050، سيكون العدد قد تراجع إلى أربعة فقط.

ويبدو أن نظام التقاعد في القطاعين العام والخاص باهظ الثمن. كان أصحاب العمل يتسابقون لجعل نظام اتقاعد لديهم أقل سخاءً.

وقبل أربعين عاماً، كان معظم العمال الأميركيين يتمتعون بما يسمى بـ "المنفعة المحددة"، والتي تحدد ما سيحصل عليه عند التقاعد. والآن ، هناك أقل من واحد من أصل كل 10 عمال يتمتعون بذلك.

أما الآن، يحدد نظام التقاعد الجديد، ما سيدفعه صاحب العمل للمساهمة في الراتب التقاعدي الخاص بك، بدلاً من الدخل الذي ستحصل عليه.

ومن السهل أن نفهم لماذا يتخلى أرباب العمل عن هذا النظام، لأن المعاشات التقاعدية يمكن أن تكون باهظة التكلفة.

تأمل في قضية جون جانواي، الذي حارب في الحرب الأهلية الأمريكية. إذ شمل معاشه التقاعدي العسكري إعانات للزوجة الباقية على قيد الحياة عندما توفي.

تزوج جانواي في عمر الـ 81 عاماً من امرأة كانت في الـ 18 من العمر.

كان الجيش لا يزال يدفع إلى جانواي معاش أرملته حتى عام 2003 ، أي بعد حوالي 140 عاماً تقريباً من انتهاء الحرب.

ويمكن أن يرى الاقتصاديون مشكلة في المستقبل، إذ يقترب عدد كبير من العمال من التقاعد، وقد تكون معاشاتهم التقاعدية في مكان العمل أقل من المتوقع.

لهذا السبب تحاول الحكومات في جميع أنحاء العالم إقناع الأفراد بادخار أكبر من أجل شيخوختهم..

No comments:

Post a Comment